تعريف الرقية الشرعية والبدعة
الرقية وسيلة شرعية يلجأ إليها المسلم طلبا للشفاء من الأمراض البدنية والنفسية، وتعتمد الرقية الشرعية أساسا على قراءة الآيات القرآنية والأذكار المأثورة عن النبي الكريم، ويشترط لصحتها أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وأن تكون باللغة العربية، وأن يُعتقَد أنها لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى. أما البدعة فهي استحداث وفعل ما لم يُعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتنقسم البدعة إلى نوعين؛ بدعة خير وبدعة ضلال، فما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله ورسوله فهو بدعة خير. وما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو بدعة ضلال مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (وكلُّ مُحدَثة بدعة، وكلُّ بدعة ضلالة، وكلُّ ضلالة في النار).
نماذج البدع في الرقية الشرعية
البِدعُ في الرقية الشرعية كثيرة ومتعددة، فمن الناس من تجاوز حدود الإجتهاد في الرقية مبتدعا طرقاً للعلاج أشبه ما تكون بفعل المشعوذين لما تتميز به من بيع الوهم والاحتيال على الناس، ومن ذلك نذكر على سبيل المثال لا الحصر؛ فتح عيادات متخصصة للرقية الشرعية لأن ذلك من شأنه فتح باب النصب والاحتيال خاصة إذا كان بمقابل مادي. الاختلاء بالنساء أثناء رقيتهن وهو ما يفتح الباب لوقوع الزنا. الاستعانة بالجن أثناء الرقية لأن ذلك شرك بالله تعالى. قراءة القرآن أثناء الرقية على جمعٍ كبيرٍ في آنٍ واحد لأن ذلك مخالف لما فعله النبي الكريم. قراءة القرآن على قنينات الماء وبيعها للناس على أنها رقية شرعية، لأن القصد في هذه الحالة هو الربح المادي. تعيين وقت معين لرقية المريض وضربه أثناء الرقية لأن ذلك لا أصل له في السنة. قراءة القرآن أثناء الرقية بشكل مقلوب أو مزجه بكلام مبهم لأن ذلك من عمل المشعوذين.
حكم الشرع في بدع الرقية الشرعية
يرى أهل العلم أن البدع في الدين مُحرَّمةٌ بما في ذلك البدع المرتبطة بالرقية الشرعية والتي لا أصل لها في السنة النبوية ولا في أفعال السلف الصالح، ويستشهدون في هذا الحكم على قول النبي الكريم: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). فالبدع في الرقية الشرعية وفي غيرها محرمة باتفاق أهل العلم، لكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة وطبيعتها، فمنها ما هو شرك كالاستعانة بالجن، وتدنيس القرآن، وادعاء علم الغيب وما شابه ذلك من الأفعال التي يحسبها الناس من الرقية الشرعية وهي منها براء، ومنها ما دون ذلك كالنصب والاحتيال والكذب وادعاء القدرة على شفاء كل الأمراض ونحو ذلك.
كيفية التحصن ضد بِدع الرقية الشرعية
للتحصن من البدع التي أحدثها الناس في الرقية الشرعية، يُنصح المسلم بالتسلح بالإيمان الصادق والعلم القوي وعدم الجري وراء الخرافات والأوهام بتصديق كل من هب ودَبَّ والتماس الشفاء عنده بعد الله تعالى. فليس صادقا كلُّ من ادعى الصلاح والتقوى، وليس راقيا شرعيا كل من ادعى ذلك دون أن تتوفر فيه الشروط الشرعية. وبما أن المسلم مسؤول على نفسه وعلى اختياراته، يتعين عليه قبل طلب الرقية الشرعية له أو لأهله أن يكون على علم بضوابط الرقية وأحكامها، أو أن يستشير أهل العلم ممن حوله من الذين يأتمنهم ويثق في أخلاقهم وعلمهم وآراءهم كإمام المسجد أو فقيه الحي وغيرهما. وفي هذا الإطار يتعين على القائمين على الشأن الديني في المجتمعات الإسلامية أن يساهموا في تحصين الناس من بدع الرقية الشرعية بكشفها وتبيان مخالفاتها في خطب الجمعة واللقاءات التوعوية والتحسيسية هنا وهناك.
0 تعليقات على " بِدَعُ الرقية الشرعية وأحكامها "